
باحث كوردي: سلطة الميليشيات في سوريا والعراق تقترب من نهاياتها
وكالة الإقتصاد العراقي/
أكد باحث كوردي سوري، الأربعاء، أن حزب العمال الكوردستاني PKK هو في حالة حرب دائمة مع الجغرافيا السياسية لكوردستان والرموز الوطنية الكوردستانية بدءًا من تدليس المسميات التاريخية إلى البيشمرگة إلى العلم الوطني وصولًا إلى تمزيق النسيج المجتمعي الكوردي واختلاق هويات وانتماءات بديلة مزيفة.
وقال عبد الرحمن كلو في حديث : «بداية وقبل أي حديث علينا توضيح طبيعة وأسباب تواجد PKK في غربي كوردستان (كوردستان سوريا) بعد عام ٢٠١١، إذ كان هذا الحزب يعيش حالة موت سريرية في الجانب التنظيمي قبل هذا التاريخ، كما وأن حركته كانت معطلة بشكل شبه كامل بعد الاتفاق السوري – التركي في أضنة عام ١٩٩٨ وطرد أوجلان عام ١٩٩٩، وعجزه كان قد بلغ درجة الشلل إذ لم يسمح له في حينه إقامة مراسيمه التقليدية أو حتى خيمة عزاء لشهدائه، أما كوادره وخلاياه النائمة فكانت تختبئ خلف نشاطات الحركة السياسية الكوردية، وحتى أثناء التحقيقات أو المواجهات الأمنية كانت هذه الكوادر تتبرأ من ولاءاتها لـ PKK».
وأضاف «لكن ما أن بدأت الأزمة السورية حتى دخلت المعادلة السياسية في سوريا على الصعيدين الداخلي والخارجي منحى آخر، حيث تصاعدت وتيرة العنف والعنف المضاد في كل المناطق السورية مع مطلع عام ٢٠١٢، هنا اعتمد النظام نظرية فصل مسارات الصراع مع الداخل المعارض، إذ وضع حالة الصراع مع الإسلام السياسي السني في مسار منفصل عن حالة الصراع مع الأقليات القومية والدينية والطائفية، وبما أن القضية الكوردية كانت القاسم المشترك للدول التي تقتسم كوردستان، لجأت هذه الدول إلى تسليم الملف الكوردي من الأزمة السورية لـ PKK بموجب عقود بينية مدفوعة على شكل نفط خام وفق شراكة نسبية».
وأوضح كلو أن «قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني أشرف على العملية بشكل مباشر، والهدف الأساس من الاتفاق وتلك العقود كان عدم السماح للبعد الوطني الكوردستاني بأن يتمدد من الجنوب تجاه غربي كوردستان في ظل الفوضى السورية، بمعنى أن استحضار PKK بالأساس كان لأغراض عسكريًةٍ أمنية كأداة لحالة حرب وقمع، وليس لحالة سلم أو إدارة، ولهذا مُنِحَ كل الصلاحيات لممارسة الإرهاب ضد الكورد في المساحة الكوردية من الأزمة (في كل مناطق التواجد الكوردي في حلب وريف حلب وفي باقي المناطق الكوردية)».
وأردف أنه «في الجانب السياسي لهذا الحضور، فله علاقة مباشرة مع طبيعة مهامه بخصوص الملف الكوردي المتفق عليه إقليميًا في إطار استراتيجية عمل مرحلية مشتركة خاصة بالأزمة (السورية، التركية، الإيرانية)، لذا كان من أولى مهامه الوظيفية القمع وتصفية كوادر الحركة السياسية ومحاولة إلغاء الحياة السياسية والعمل على حماية الحدود السورية من جهة إقليم كوردستان رغم أن عدوه الافتراضي كان في الجانب التركي».
وتابع كلو «لهذا فمن الخطأ تناول السلوك السياسي لهذا التنظيم بمعزل عن سياسات الدول التي تستخدمه وكالةً عنها في محاربة الكورد، وكل المحاولات التي تتعمد الذهاب بهذا الاتجاه وفق المعايير والحسابات الحزبية تدخل في إطار محاولات مشروعية العلاقة مع تركيا والشراكة معها في هذا العدوان، لأن تركيا تمثل محور دوران العملية برمتها، وبناء عليه لا يمكن بأي حال من الأحوال قراءة الفعل السياسي لهذا التنظيم بمعزل عن مهامه الأمنية المحدِّدة لسلوكه الوظيفي».
وقال: «بما أن هذا التنظيم يعمل في المساحات اللاشرعية من الأزمة في الجانب الكوردي من خلال سيناريوهات الغرف المظلمة، بالضرورة أن يكون على نقيض من كل الثوابت القومية والوطنية الشرعية وأن يكون معاديًا لها، وعمليًا هو في حالة حرب دائمة مع الجغرافيا السياسية لكوردستان والرموز الوطنية الكوردستانية بدءًا من تدليس المسميات التاريخية إلى البيشمرگة إلى العلم الوطني إلى الزعيم بارزاني، وصولًا إلى تمزيق النسيج المجتمعي الكوردي واختلاق هويات وانتماءات بديلة مزيفة، بتعبير آخر هذا التنظيم يحارب كل أقانيم الهوية الكوردستانية منذ عام ٢٠١٢ أي قبل ظاهرة داعش الإرهابية».
وأكد الباحث الكوردي، أن «إجبار ذوي البيشمرگة بتصريحات مخالفة لإراداتهم وللحقائق، وتدنيس العلم الكوردستاني من حين لآخر وبث السموم والأكاذيب تجاه الديمقراطي الكوردستاني الذي ومحاربة الهوية الكوردستانية في شنگال ليست سوى تحصيل حاصل لممارسة وظيفية تتبع أجندة إقليمية متفق عليها، وعلينا أن نتجاوز فهم هذه المعادلة التي باتت من مسلمات الفهم السياسي الكوردي وأن نعود لقراءة سياسات ومشاريع هذه الدول فهي التي بيدها جهاز تحكم (ريموت كونترول) سلوك هذا التنظيم».
وقال كلو: «بما أن معركة الكورد مع التحالف العثماني – الصفوي هي معركة وجود لذا جدلية العلاقة بين ثوابت ومقومات ديمومة هذا الوجود لا تسمح لنا بفصل أي منها عن الآخر فهي لا تقبل القسمة، والبيشمرگة هي إحدى أهم الثوابت الوجودية التي يمكنها تغيير المعادلة السياسية لصالح حركة التحرر الوطني الكوردستانية ولهذا السبب لم يسمح لها بالدخول في غربي كوردستان، لأنها إن دخلت فسوف تغير من كل الحسابات الإقليمية وحتى الدولية لصالح مستقبل القضية الكوردية في غربي كوردستان».
وقال إن «المتغير السوري لن يكون بمنأىً عن التغيير في العراق بعد تشكيل حكومة أغلبية وطنية في قادم الأيام، إذ سوف تتمخض عنها تقليصًا للنفوذ الإيراني إلى الحد الأدنى في عموم المنطقة ومعها سوف تتضرر عمل الماكنة الأمنية للتحالف الصفوي العثماني، والحضور الأقوى سيكون لحلفاء أمريكا في إسرائيل والسعودية وجنوب كوردستان ودول الخليج العربية، كما أن الحاضنة الجغرافية البشرية لغربي كوردستان مؤهلة لشراكة قوية مع هذا التحالف كبعد جيواستراتيجي مكمل لمنطقة النفوذ الأمريكية كمجال حيوي».
وختم عبد الرحمن كلو حديثه قائلا: «أعتقد أن مرحلة سلطة الميليشيات في سوريا والعراق تقترب من نهاياتها رغم كل التعقيدات والممانعات المستقبلية فهي لن تغير من ثوابت الاستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط».
انتهى.